هو الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض، ولد سنة 1313هـ / 1899م في أحضان والدة من عائلة الحكم بالقرارة بولاية غرداية جنوب الجزائر، ووالده يعد من أعيان البلد. دخل كتّاب القرية فاستظهر القرآن قبل سن البلوغ. ثم أخذ مبادئ العلوم الشرعية واللغوية على يد مشايخ القرارة
حياته :حباه الله منذ الصغر مواهب جمة منها الذكاء الوقاد، والحافظة القوية، والفصاحة والبيان، وهو ما أهله رغم صغر سنه ليخلف شيخه الحاج عمر بن يحي في التدريس، ويتبنى الحركة العلمية، والنهضة الإصلاحية في القرارة. أصبح عضوا في حلقة العزابة، وهي الهيئة الدينية العليا في القرارة، وما لبث أن اعتلى منبر الوعظ بمسجدها. ثم انتحب رئيسا لحلقتها وهو في الأربعين من عمره. في 18 شوال 1343هـ/ 21 مايو 1925 م أسس معهد الشباب للتعليم الثانوي، وهو المعروف بمعهد الحياة، واتخذ له شعارا "'الدين والخلق قبل الثقافة، ومصلحة الجماعة قبل مصلحة الفرد"' وأصبح قبلة للطلاب من داخل الجزائر وخارجها تخرج منه المئات من طلاب العلم. المتخصصين في العلوم الشرعية واللغوية. في سنة 1931 م شارك في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وساهم في صياغة قانونها الأساسي، وانتخب عضوا في إدارتها الأولى، إذ أسندت إليه نيابة أمين المال. في سنة 1937 م أسس جمعية الحياة بالقرارة المشرفة على التعليم الابتدائي والثانوي، والمنتظمة والمشرفة على الحركة الفنية والرياضية، والجمعيات الأدبية بها، وما تزال تؤدي رسالتها تلك حتى يومنا هذا. في سنة 1940 م حكمت عليه الإدارة الاستعمارية بالإقامة الجبرية داخل القرارة لا يبرحها، لمدة أربع سنوات، تفرغ خلالها لتكوين ثلة من الطلاب المتفوقين، أصبحوا من رجالات الأمة المحليين، وقادة الحركة الإصلاحية بالجنوب الجزائري. في سنة 1947 م دخل معترك الحياة السياسية، فطالب برفع حكم الإدارة العسكرية عن الصحراء وإلحاقها بالشمال. انتخب بالأغلبية الساحقة يوم 20 أبريل ممثلا لوادي ميزاب في المجلس الجزائري، وأعيد انتخابه سنة 1951 م، فكان الصوت المدوي دفاعا عن مقومات الشخصية الجزائرية دينا ولغة. أصبح ما بين 1954 و1962 م محور النشاط الثوري في ميزاب بعامة، والقرارة بخاصة، يعاونه في ذلك زملاؤه في الحركة الإصلاحية، وأبناؤه الطلبة. وقد وقف وقفة بطولية ضد مؤامرة فصل الصحراء عن الجزائر. في مارس 1962 م عين عضوا في اللجنة التنفيذية المؤقتة، وأسندت إليه مهمة الشؤون الثقافية إلى يوم تسليم السلطة لأول حكومة جزائرية في سبتمبر من سنة 1962 م. في سنة 1963 م أحيى نشاط (مجلس عمي سعيد) الهيئة العليا لمجالس عزابة وادي ميزاب ووارجلان، فانتخب رئيسا له إلى يوم وفاته.
- وفاتهتوفي الشيخ إبراهيم ربيوض سنة 1401هـ / 1981 م، إنا لله وإنا إليه راجعون.-
آثاره الفكرية:إن الشيخ مثل غيره من رجال الإصلاح الذين كان أغلب وقتهم ينقضي في تكوين الرجال، والاعتناء بمشاكل المجتمع مما لا يبقى معه وقت كثير للانكباب على الكتابة والتأليف، ومع ذلك فقد كتب بعض المقالات الاجتماعية ذات الطابع التحليلي في العشرينيات والثلاثينيات نشرت في صحافة أبي اليقظان، كما ترك فتاوى كثيرة ،ومراسلات ذات أهمية قصوى طبع بعضها ونشر وبعضها الآخر ما يزال مخطوطا. غير أن أهم ما ترك الشيخ بيوض هو تفسيره القيم لكتاب الله مستخدما المنهج الإصلاحي الذي عرفت به المدرسة الإصلاحية العبدوية فكان يعرض المجتمع على كتاب الله تربية وتوجيها، وقد استمر مواظبا حريصا على تلك الدروس لا يتخلف عنها إلا لمرض أو سفر. وكانت الآثار التي تركتها دروسه التي غطت قرابة خمسين سنة عميقة عظيمة، فبفضلها عمت الثقافة الإسلامية البيوت وعرف المجتمع وجه الإسلام الحقيقي ،وبفضل دروس الشيخ التي تمتاز بالتحليل والتبسيط في آن واحد ،وتملك المستمع بما فيها من فصاحة، وعقل، وأدب وتراث، ومعاصرة.فمن آثاره الفكرية:تفسير كامل للقرآن الكريم، المسجل منه يبدأ من سورة الإسراء إلى سورة الناس، يقع في حوالي 1500 ساعة، حررت في 12497 صفحة. مئات الأشرطة لدروس في الدين، والتربية، والاجتماع، والسياسة، والثقافة، وكان يلقيها في المسجد أو في المناسبات والحفلات، وقد نشر بعض منها بعد تحريرها وتحقيقها، من ذلك. المجتمع المسجدي، من تحرير الدكتور محمد ناصر بوحجام، صدرت الطبعة الثانية عن دار أبي الشعتاء، عمان، 1409هـ/ 1988م (المقدمة) حديث الشيخ الإمام، في جزأين، من تحرير الشيخ محمد سعيد كعباش، المطبعة العربية، غرداية، الجزائر، 1996م. البدعة مفهومها وأنواعها وشروطها، تحرير الطالب إبراهيم أبو الأرواح، (مرقون) معهد الحياة، 1998م. "فضل الصحابة والرضا عنهم"، تحرير الطالب بهون حميد أوجانة، مطبوع، المطبعة العربية، غرداية، 2000م. "فتاوى الإمام الشيخ بيوض"، يقع في جزأين، جمعه وحققه وقدم له الأستاذ الشيخ بالحاج بكير، طبع مرتين في كل من الجزائر وعمان، ينظر دار الضامري للنشر والتوزيع، سلطنة عمان، 1990م "ثبوت الهلال بين الرؤية البصرية والمراصد الفلكية"، حرره عمر إسماعيل، وقدم له د.محمد ناصر، صدر عن مكتبة معالي السيد محمد بن أحمد، سلطنة عمان، 1992م. مقالات كثيرة في موضوعات مختلفة نشرت بصحف الشيخ أبي اليقظان، ينظر د.محمد ناصر، المقالة الصحفية الجزائرية، جزءان، نشر ش، و، ن،ت الجزائر، 1398هـ/ 1978 مذكرات الشيخ بيوض (مخ)، صدر منها "أعمالي في الثورة" إعداد وتقديم د.محمد ناصر، نشر جمعية التراث، القرارة، 1990م